تعرض برشلونة بالأمس لخسارة قوية أمام أتلتيك بلباو في نهائي كأس السوبر الإسباني، وهي الخسارة التي أضاعت من بين أيدي مدربه رونالد كومان فرصة كانت لتعطي كثيرًا من الثقة نحو مشروع المدرب الهولندي، المشكلة الأكبر في خسارة الأمس لم تتوقف عند النتيجة فقط، وإنما أيضًا إزدادت بتعرض أسطورة الفريق ليونيل ميسي إلى الطرد للمرة الأولى في مسيرته بقميص البلوجرانا، مما سيحرم الفريق من خدمات لعدة مباريات.
هزيمة الأمس أم لنقل أداء الأمس، أعاد فتح الكثير من الملفات وطرح العديد من الأسئلة التي كانت قد توارت قليلًا بعد الصحوة التي قام بها الفريق مؤخرًا بالدوري، بعدما عاد من بعيد جدًا ليصبح منافسًا ولو بشكل نظري في الوقت الحالي على صدارة الدوري الإسباني.
برشلونة منذ بداية الموسم وهو دخل في مشاكل عدة جعلت الفريق مهتزًا تحت إمرة أسطورته السابقة رونالد كومان، مشاكل إدارية وأخرى فنية جعلت الفريق يبدو باهتًا مع أول مبارياته في البطولات المختلفة خاصةً في الدوري.
هناك العديد والعديد من الأسئلة التي تلخص حالة برشلونة المتخبطة في الوقت الحالي.
فلماذا تم بيع لويس سواريز دون ضمان وجود مهاجم آخر ذو قيمة كبيرة يحتاجها فريق بمتطلبات برشلونة؟
ولماذا يتم الاعتماد على سيرجيو بوسكيتس الذي يرى الجميع أن وقته قد أنتهى في برشلونة باستثناء كومان وجهازه الفني؟
متى سوف تأخذ مواهب الفريق، مثل ريكي بويج فرصتها الكاملة، وبويج هذا هو الذي بالتأكيد برهن في أكثر من مباراة وموقف من قبل على أنه قادر على تقديم الإضافة؟
متى سوف يتم الاستفادة القصوى من قدرات أنطوان جريزمان، والذي حتى الآن ليس هو جريزمان سوسيداد أو أتلتيكو مدريد أو فرنسا الذي نعرفه؟
كيف سوف يتم الاعتماد على خط الهجوم بدون مهاجم رئيسي في المنافسة على البطولات العديدة التي يخوضها الفريق؟
ويبقى السؤال الأهم الذي لم يفكر فيه الكثيرين قبل كل تلك الأسئلة، هل كومان هو المدرب الأنسب فعلًا لبرشلونة؟ وما سر تمسك الإدارة والجمهور به قبل مجيئه، هل لأنه كان يستحق تلك الفرصة؟، أم لأنه فقط أحد أساطير النادي؟
كل تلك الأسئلة وغيرها يجب أن يتم الإجابة عليها الآن قبل الغد أو قبل فوات الأوان عندما يرى جمهور الإقليم فريقه وهو يخرج خال الوفاض للموسم الثاني على التوالي.
فإذا نظرنا إلى السؤال الأول، سنعرف أن الفريق سوف يستمر في مشواره على الأغلب حتى نهاية الموسم بدون مهاجم رئيسي، وذلك لسبب بسيط وهو أن مرشحو الانتخابات في برشلونة اتفقوا على أن لا يتم عمل أية صفقات -والتي كانت من ضمنها صفقة إيريك جارسيا مدافع مانشستر سيتي- حتى يتم الانتهاء من الانتخابات والاستقرار على مجلس إدارة جديد يقود النادي.
كذلك الحال سوف يكون مع الصفقات المنتظرة في المراكز الأخرى، والتي يأتي على رأسها صفقة المهاجم الهولندي ممفيس ديباي، ولهذا سوف يستمر كومان في تجربة ميسي في الهجوم وإعطاء مارتن برايثوايت بعض الدقائق القليلة، مع الاعتماد على تحركات جريزمان وتبقى كل مباراة بظروفها الخاصة، في المقابل سيظل عداد الأهداف الخاص بلويس سواريز رفقة أتلتيكو مدريد مستمرًا.
أما بالنسبة للسؤال الثاني، فكلنا يعرف أن بوسكيتس أنتهى زمنه في برشلونة، اللاعب أصبح يمثل عبئًا حقيقيًا على فريقه، فلا يمكن الإعتماد على لاعب بمثل تلك المواصفات الحالية من بطء في الحركة والسرعة والإرتداد، مع ترك لاعبًا مثل فرينكي ديونج في غير مركزه، وعدم الاستفادة منه بشكل أكبر بوضعه في مكانه الأصلي كما كان الحال رفقة فريقه السابق أياكس و منتخب هولندا.
ونأتي للسؤال الثالث، لماذا يتم تجاهل مواهب لامسيا لهذه الدرجة إلى الآن؟
فبعد أن نضبت المدرسة الشهيرة عن إخراج مواهب جيدة خلال السنوات القليلة الماضية بعد إهمال في الاهتمام بها من قبل جوسيب ماريا باتوميو ومجلس إدارته، والذي قام بالاعتماد على الصفقات القادمة من الخارج في المقام الأول بدلًا من البحث أولًا عن مواهب في أكاديمية النادي، ظهر ريكي بويج مع كيكي سيتيين كموهبة لامعة تستطيع أن تحمل شعار برشلونة، وليكون نواة العودة مرة أخرى للنظر في مواهب لامسيا، فما أن جاء كومان حتى قرر إبقاءه على دكة البدلاء فلم يعتمد عليه إلا نادرًا وترك موهبته تصدأ بعيدًا عن المستطيل الأخضر، وبالرغم من كل ذلك فعندما أحتاجه كومان في مباراة ريال سوسيداد بنصف نهائي السوبر لم يخذله بويج.
أما السؤال الرابع عن معضلة جريزمان، فحتى الآن لم يستطيع أحد من مدربي الفريق أن يحصل على ما يمكن أن يقدمه أنطوان بشكل حقيقي، وهذا ببساطة لأن مركز جريزمان وما أعتاد عليه مع فرقه السابقة لا يتناسب مع طريقة وأسلوب برشلونة، فجريزمان لا يجيد اللعب على الأطراف كما يتم معه الآن، وإنما هو يجيد اللعب في وضعية وجود مهاجم ثان بجواره وهو ما لم يجده في برشلونة حتى الآن.
وهو ما يجرنا للسؤال التالي، فبالرغم من أن برشلونة هو صاحب الهجوم الأقوى في الدوري الإسباني، إلا أن هذا الأمر يبدو مخادع بعض الشيء، فهداف الفريق هو بالطبع ليونيل ميسي برصيد 11 هدفًا، أما المهاجمين الرئيسيين فسنجد جريزمان لم يسجل سوى 5 أهداف وبرايثوايت هدفين فقط!
ونختم بالسؤال الأخير والأهم، هل كان اختيار كومان ليحمل مسئولية الفريق الذي تخبط كثيرًا مع سابقيه اختيارًا صائبًا؟ أم أنه اختيار جاء تحت ضغط الجمهور والإعلام الكتالوني، ومحاولة منهم لإعادة استنساخ تجارب أخرى لأندية قامت بإحضار أساطيرها السابقين على رأس الإدارة الفنية لفرقها وأثبتوا نجاحهم، وهو ما أرادت إدارة برشلونة أن تحذوا حذوهم لعل الأمر يصيب وينجح كومان كما نجحوا، لكن حتى الآن الأمور لا تبشر بخير، خاصةً وأن تجارب المدرب الهولندي السابقة ليست مبشرة للغاية.